نهاية نصر الله- حزب الله بين الانهيار والتبعية لإيران

المؤلف: رامي الخليفة العلي11.19.2025
نهاية نصر الله- حزب الله بين الانهيار والتبعية لإيران

أخيرًا، وبعد عقدين تقريبًا من التخفي والترقب منذ حرب تموز 2006، تمكنت إسرائيل أخيرًا من تحقيق هدفها المنشود، وهو تصفية حسن نصر الله، الزعيم الأبرز لميليشيات حزب الله. لقد كانت الضربات التي تلقاها حزب الله وحلفاؤه في المحور الإيراني قاصمة ومزلزلة، حيث بدأت بخرق شبكات اتصالات الميليشيات وتعطيلها، ثم تلتها سلسلة من الاغتيالات طالت أكثر من خمسمائة من القادة الميدانيين البارزين في الجنوب على مدار العام المنصرم، وتصاعدت وتيرة التصفيات لتشمل قادة الصف الثاني، وصولًا إلى رأس القيادة، حسن نصر الله. بالنسبة للعديد من المراقبين، فإن حزب الله قد لفظ أنفاسه الأخيرة منذ العام 2000، وهو العام الذي شهد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، إلا أن الحزب أصرّ بعناد على الاحتفاظ بترسانته من الأسلحة، ليصبح بذلك الطرف الوحيد المسلح على الساحة اللبنانية، ومن ثم بدأ في فرض إملاءاته وشروطه على مختلف الأطراف اللبنانية الأخرى. بل وتجاوز الأمر ذلك، فوجه بنادقه نحو الداخل، عندما قام حزب الله باحتلال بيروت في العام 2008. في تلك اللحظة، «قُتل» حسن نصر الله معنويًا وشعبيًا، وتعمق هذا الانحدار بشكل أكبر عندما أصبح حزب الله وحسن نصر الله بمثابة رأس الحربة في صراعات إيران الإقليمية. لقد قُتل حسن نصر الله عندما أقدم الحزب على التدخل السافر في الأزمة السورية، على الرغم من قرار الحكومة اللبنانية، التي كان حزب الله جزءًا منها، بالنأي بالنفس عما يجري في سوريا. لكن حسن نصر الله كان دائمًا فوق الحكومة وفوق الدولة. قُتل حسن نصر الله عندما كشف عن وجهه الطائفي البغيض في الحرب السورية من خلال استهداف المدنيين الأبرياء. وقُتل أيضًا عندما أعلن بكل صلافة أن أعظم ما قام به في حياته هو التحريض على المملكة العربية السعودية والشعب السعودي، والوقوف بشكل سافر إلى جانب جماعة الحوثي المتمردة. وحتى في الحرب الأخيرة، أصرّ نصر الله على الالتزام الأعمى بالخط الإيراني عندما انخرط فيما أسماه «حرب الإسناد»، لكنه في حقيقة الأمر لم يتمكن من الحفاظ على قوة حزبه وتجنيب لبنان ويلات الحروب والدمار كما يحدث الآن، ولم يندفع بكل قوته لإحداث تغيير ملموس في مأساة الشعب الفلسطيني في غزة. وها هو نصر الله يرحل الآن، تاركًا خلفه بلاده على حافة الانهيار، وحزبه يعاني من الوهن والتصدع، وصورته مشوهة ومنفرة لدى قطاعات واسعة من الشعوب العربية، وذلك بفضل تلطخ يديه بالدماء البريئة وسجله الحافل بالجرائم. عندما اتخذ نصر الله قراره المشؤوم بإقحام حزبه في أتون صراعات إيران الإقليمية، تحول من حزب أيديولوجي متماسك ومنغلق، ذي أهداف واضحة ومحددة، إلى مجرد مجموعة من المرتزقة الذين يعملون وفق أجندات خارجية تتطلب التوسع في تجنيد العناصر، والتواصل مع أجهزة استخبارات أجنبية كشفت أوراقه أمام إسرائيل. هذا ما أشارت إليه صحيفة «فايننشال تايمز» المرموقة في تقرير لافت ومفصل حول كيفية تمكن الموساد الإسرائيلي من اختراق صفوف الحزب، ولعل الأيام الماضية قد كشفت عن لحظة انهيار غير مسبوقة جعلت التمزق يمتد من القاعدة إلى رأس الهرم، ومع ذلك وقف المشغل الإيراني يتفرج من الخارج وكأن الأمر لا يعنيه على الإطلاق. إذا كان هناك أي أمل يلوح في الأفق فيمن سيخلف نصر الله، فهو إعادة قراءة واقع حزب الله ولبنان قراءة واعية ومستنيرة، وتغيير رؤية الحزب بشكل جذري ليصبح كيانًا لبنانيًا حقيقيًا يسهم بفعالية في بناء الوطن وازدهاره، وليس مجرد ذيل يتم استخدامه عند الحاجة ثم يُلقى به في المزابل تحت أطنان المتفجرات عندما تنتهي صلاحيته أو يصبح عبئًا ثقيلاً على المشغل الإقليمي.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة